
العدو الإسرائيلي يوغل في الإبادة الجماعية
بالتزامن مع العدوان الأمريكي على اليمن بعد إعلان فرض حصار بحري على السفن الإسرائيلية والامريكية مساندة للشعب الفلسطيني حتى رفع الحصار وفتح المعابر في قطاع غزة،
ها هو العدوان الإسرائيلي يعاود عدوانه من جديد على قطاع غزة مستهدفاً المدنيين العزل، محولا أحياء بأكملها إلى ركام ومعلناً عن عودة الحرب والتي سقط على إثرها مئات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ العُزّل في مشهد يُعيد إلى الذاكرة جرائم حربٍ لم تختلف أدواتها عن سابقاتها، لكنها تختلف هذه المرة في سياق سياسي أكثر تعقيداً وفي ظل صمتٍ عربيٍ وتواطؤ دوليٍ مُريب.
إنّ صمت المجتمع الدولي على الجرائم الدامية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية في قطاع غزة لم يكن مجرد فشل مشين، بل تفويض فعلي لها لمواصلة مجازرها وتصعيد جريمة الإبادة الجماعية عبر العودة إلى القتل الواسع النطاق للفلسطينيين، والاستمرار في التدمير الممنهج لمقومات حياتهم في سعيٍ واضحٍ لإبادتهم بالكامل، وبغض النظر عن الذرائع التي يروج لها العدو الإسرائيلي فإن الأنماط المنهجية للقتل الجماعي والتجويع القسري المتواصل والحرمان المتعمد من المواد الأساسية اللازمة للبقاء والتدمير الشامل للبنية التحتية في غزة لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف كان، وأن هذه الأفعال تشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتعد أفعال إبادة جماعية وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، غير أن هذه التبريرات والذرائع لا تغيّر الواقع القانوني، إذ تُنفَّذ هذه الأفعال بنية واضحة للقضاء على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة.
إنّ الهجمات الإسرائيلية حملت نيّة واضحة لارتكاب عمليات قتل جماعي مقصودة، إنّه في أكثر من حالة قضت الغارات الإسرائيلية على عائلات بأكملها مكونة من الأب والأم والأبناء، أو حتى عائلات ممتدة بما يشمل الأجداد والأبناء والأحفاد، وهذه الجرائم التي ارتكبها جيش العدو الإسرائيلي اليوم جاءت بعد أكثر من أسبوعين على إغلاقه المعابر مع قطاع غزة، ومنع دخول جميع أشكال السلع الأساسية والمساعدات الغذائية، بما فيها تلك المنقذة للحياة، إلى جانب الوقود والمستلزمات الطبية الأساسية، ما ترك جميع القطاعات الخدمية والحيوية في حالة من الانهيار.
وفي المقابل من ذلك فإن النظام الصحي في غزة انهار بالكامل يعمل بقدرة شبه معدومة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للمستشفيات والمرافق الصحية، والقصف المباشر لسيارات الإسعاف والفرق الطبية، إلى جانب الحصار الخانق الذي منع إدخال الإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات وهذا التدمير المتعمد للقطاع الصحي سيؤدي إلى ارتفاع أعداد القتلى بشكل كارثي، إذ يُترك الجرحى ينزفون حتى الموت دون إمكانية تلقي العلاج، ويحوّل كل جريح إلى ضحية محتملة.
في حين أصدر جيش العدو الإسرائيلي أوامر إخلاء فورية لعدة بلدات ومدن على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة ما يعني نزوح عشرات آلاف السكان إلى المجهول ومفاقمة الأزمة الإنسانية إلى مستويات جديدة، وبهذه الافعال يحاول العدو تبرير جرائم القتل الجماعي التي يرتكبها بالادعاء باستهدافه لمسلحين أو مطلوبين فلسطينيين.
إنّ العدو الإسرائيلي لم يتوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر 2023، حتى طوال مدة وقف إطلاق النار الذي نسفه صباح يوم الأحد الماضي، حيث تعمد فرض ظروف معيشية كارثية على الفلسطينيين وحرمانهم من المقومات الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، لكنّ عودته إلى استخدام القوة المميتة ضد المدنيين يهدّد بتوسّع جريمة الإبادة، وقد يمثل مقدمة لتنفيذ مخططات وجرائم أكثر خطورة من تلك التي ارتكبها طوال الشهور الطويلة الماضية، خصوصًا في ظل الدعم السياسي والعسكري الأمريكي الكامل، والعجز الدولي غير المبرر.
ختاماً: على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية بشأن ضرورة تنفيذ إصدار محكمة العدل الدولية في 28 مارس 2024م تدابير تحفظية تلزم العدو الإسرائيلي فيها باتخاذ الإجراءات اللازمة والفعّالة، وبالتعاون مع الأمم المتحدة لضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزة من دون معوقات وبلا تأخير، وذلك تنفيذا لالتزاماته بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.